الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ }؛ معنى الدِّين المرتضَى؛ نظيرهُوَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً } [المائدة: 3]، والإسلامُ: هو الدخولُ في السِّلْمِ والانقيادُ والطاعَة. وعن قتادةَ: (هُوَ شَهَادَةُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ؛ وَالإقْرَارُ بمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ وَهُوَ دِيْنُ اللهِ الَّذِي شَرَعَ لِنَفْسِهِ؛ وَبَعَثَ بهِ رُسُلَهُ؛ وَدَلَّ عَلَيْهِ أوْلِيَاءَهُ؛ وَلاَ يَقْبَلُ غَيْرَهُ).

وقرأ الكسائيُّ: (الدِّيْنَ عِنْدَ اللهِ) بالفتحِ على معنى: شَهِدَ اللهُ أنهُ لا إلهَ إلاَّ هُوَ، وشهدَ أنَّ الدِّينَ عند اللهِ الإسلامُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ }؛ أي لَمْ تقر اليهودُ والنصارى للإسلامِ ولم يتسَمَّوا باليهوديَّة والنصرانيَّة { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ } في كتابهم حَسَداً بينهم.

رويَ: أنَّ اليهودَ كانوا يُسمَّون مسلمينَ؛ فلمَّا بُعث عيسى عليه السلام وسَمَّى أصحابَه مسلمين حسدَت اليهودُ مشاركتَهم في الاسمِ فسَمَّوا أنفسَهم يهوداً؛ فكانوا يُسمَّون مسلمينَ ويهوداً، فغيَّرتِ النصارى اسْمَهم وسَمَّوا أنفسَهم نصارى. والبَغْيُ: هو طلبُ الاستعلاءِ بغير حقٍّ.

وقال بعضُهم: معنى الآيةِ: ما اختلفَ الذينَ أوتُوا الكتابَ في نبوَّة مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ بيانُ نعتِه وصفته في كُتبهم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }؛ أي مَن يجحَدُ بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم والقرآنِ فإنَّ اللهَ سَرِيْعُ الْمُجَازَاةِ، سريعُ التعريفِ للعامل عملَه لا يحتاجُ إلى إثباتٍ وتذكيرٍ.