الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ }

قوله عَزَّ وَجَلَّ: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ }؛ معناهُ: أظننتُم يا معشرَ المؤمنين { أنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ } جِهَادَ الْمُجَاهدينَ ولا صَبْرَ الصابرينَ وَاقِعاً فيهم مُشَاهَدَةً، وهذا استفهامٌ بمعنَى الإنكار لِظَنَِّهِمْ وَحُسْبَانِهِمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ } أي وَلَمْ يعلَمِ اللهُ، يقولُ الرجلُ لِمَا يفعلُ مَعْنَاهُ: لَمْ يَفْعَلْ؛ انضمَّ إليهِ حرفُ (مَا)، وقرأ الحسنُ (وَيَعْلَمِ الصَّابِرينَ) بالكسرِ عطفاً على قولهِ { وَلَمَّا يَعْلَمِ }. وأما قراءةُ النَّصب فهو نصبٌ على الظرفِ؛ يعني على صَرْفِ آخرِ الكلامِ عن أوَّلِه على تقدير: وأن يَعْلَمَ الصابرينَ، وهو قولُ الكوفيِّين. وأمَّا البصريُّون فَيُسَمُّونَهُ نَصْباً على الجمعِ. قال الشاعرُ:
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُق وَتَأتِى مِثْلَهُ   عَارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيْمُ
أي لا يكن منكَ النَّهْيُ عن خُلُقٍ معَ إتيانِ مثلِه، ويقالُ: لا تأكلِ السَّمكَ وتشربَ اللَّبنَ؛ أي لا يكونُ منكَ الجمعُ بينَهما.