الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ }؛ أي أنتُمْ يا هؤلاءِ المؤمنين تُحِبُّونَ اليهودَ الذين نَهَيْتُكُمْ عن مُبَاطَنَتِهِمْ للأسباب التي بينَكم من المصاهرةِ والرَّضاع والقرابَة والجِوار، { وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ } لِمَا بينكم وبينَهم من مُخالفةِ الدينِ، هذا قولُ أكثرِ المفسِّرين. وقاَلَ بعضُهم: معناهُ: تُحِبُّونََهُمْ؛ أي تريدون لَهُمُ الإسلامَ وهو خيرُ الأشياء، ولا يُحِبُّونَكُمْ لأنَّهم يَدْعُونَكُمْ إلى الكُفْرِ وهو الْهَلاكُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ }؛ أي تؤمنونَ بالتَّوراةِ والانْجيل وسائرِ كُتُب اللهِ، ولا يؤمنون هُم بذلك كُلِّهِ، يعني لا يؤمنونَ بكتَابكُمْ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا }؛ يعني مُنَافِقِي أهلِ الكتاب، إذا لَقُوهُمْ قالُوا آمَنَّا بمُحَمَّدٍ أنهُ رَسُولٌ صَادِقٌ فيما يقولُ، { وَإِذَا خَلَوْاْ }؛ فِيْمَا بَيْنَهُمْ؛ { عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ }؛ أي أطرافَ الأصابعِ مِن الْحَنْقِ عليكُم لِمَا يرونَ من ائْتِلاَفِكُمْ وإصلاحِ ذاتِ بينِكم، وهذا مثلٌ ضَرَبَهُ اللهُ لِشِدَّةِ عداوةِ اليهود للمؤمنينَ. وواحد الأنَامِلِ: أنْمُلَةٌ بفتحِ الميم وضمِّها. قَوْلُهُ تَعَالَى { قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ }؛ ليسَ على طريقِ الإيجاب؛ لأنه لو كانَ على طريق الإيجاب لَمَاتُواْ كُلُّهُمْ مِن ساعتِهم، لكنَّ معناهُ: تَمُوتُونَ بغيظِكم ولا تبلغونَ أمَانِيَّكُمْ من قَهْرِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ. قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }؛ أي عالِمٌ بما في القلوب من البُغْضِ والعداوةِ وغيرِ ذلك. وفي الحديثِ عنِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: " لاَ تَسْتَضِيْئُوا بنَار الْمُشْرِكِيْنَ " أي لا تَسْتَشِيْرُوا المشركينَ في شيءٍ من أموركُم.