الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ }

قوله عَزَّ وَجَلَّ: { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى }؛ أي لن يَصِلُوا إلى ضَرَركُمْ أيُّهَا المسلمونَ إلاَّ أنْ يُؤذوكُم باللِّسان بقولِهم: عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ؛ وَالْمَسِيْحُ ابْنُ اللهِ؛ وَثَالِثُ ثَلاَثَةٍ؛ وَالْبَهْتُ وَالتَّحْرِيْفُ. وقال مقاتلُ: (إنَّ رُؤَسَاءَ الْيَهُودِ: كَعْبُ بْنَ الأَشْرَفِ؛ وَأَبُو رِافِعٍ، وَأبُو يَاسِرٍ؛ وَابْنُ صُوريّا وَغَيْرُهُمْ عَمَدُواْ إلَى مُؤْمِنِيْهِمْ كَعَبْدِاللهِ ابْنِ سَلاَمٍ وَأَصْحَابهِ فآذوْهُمْ لإسْلاَمِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } أي باللِّسَانِ؛ يَعْنِي وَعِيْداً وطَعْناً بأَلْسِنَتِهِمْ وَدُعَاءً إلَى الضَّلاَلَةِ وَكَلِمَةَ كُفْرٍ تَسْمَعُونَهَا مِنْهُمْ فَتَتَأَذوْنَ بهَا).

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ }؛ أي يعطوكُم الأدبَارَ مُنْهَزِمِيْنَ؛ يعني لا يَمْنعُكم أحدٌ من سَبْيكُمْ إيَّاهم وقتلِكُم نفوسَهم، وقوله تعالى: { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } جوابُ الشرطِ، إلاّ أنهُ استئنافٌ لأجلِ رأسِ الآيِ؛ لأنَّها على النونِ كقولهِ تعالى:وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [المرسلات: 36] وتقديره: ثُمَّ هُمْ لا يُنْصَرُونَ، وقالَ في موضعٍ آخرَ:لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ } [فاطر: 36] إذ لم يكن رأسَ آيةٍ. قال الشاعرُ:
ألَمْ تَسْأَلِ الرَّبْعَ الْقَدِيمَ فَيَنْطِقُ   ........................
أي فهو ينطق.