الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ }

قد تقدَّمَ تفسيرُ { الۤـمۤ }. فمَن جعلَ هذه الحروفَ التي في أوائلِ السُّورة قَسَماً، احتملَ أن يكون جوابُ القَسَمِ في قولهِ:وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } [العنكبوت: 3]؛ واحتملَ أن يكونفَلَيَعْلَمَنَّ } [العنكبوت: 3].

وقولهُ تعالى: { أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ } لفظةُ استخبارٍ، ومعناهُ التوبيخُ والتقرير، كأنه قالَ: أظَنُّوا أن نقنَعَ منهم بأنْ يقولُوا آمَنَّا فقط ولا يُمتَحَنُونَ بالأوامرِ والنَّواهي والتَّكليفِ، ولا يُختَبَرُونَ بما يعلم أنه صِدْقُ إيْمانِهم.

قال الحسنُ رضي الله عنه: (سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أنَّهُ لَمَّا أُصِيْبَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانَتِ الْكَرَّةُ عَلَيْهِمْ، عَيَّرَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بذلِكَ، فَشُقَّ ذلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ). قال السديُّ وقتادة ومجاهدُ: (مَعْنَاهُ: أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكُواْ أنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ) فِي أمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ بالْقَتْلِ وَالتَّعْذِيْب).

وقال مقاتلُ: " نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي مَهْجَعِ بْنِ عَبْدِاللهِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب رضي الله عنه وَكَانَ أوَّلَ قَتِيْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ يَوْمَ بَدْرٍ، رَمَاهُ عَامِرُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ بسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: " سَيِّدُ الشُّّهَدَاءِ مَهْجَعُ، وَهُوَ أوَّلُ مَنْ يُدْعَى إلى بَاب الْجَنَّةِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ " فَجَزِعَ عَلَيْهِ أبَوَاهُ وَامْرَأتَهُ " ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ وَأخْبَرَ أنَّهُ لاَ بُدَّ لَهُمْ مِنَ الْبَلاَءِ وَالْمَشَقَّةِ فِي ذاتِ اللهِ.