الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } ، قال عطاءُ: (فَكَفَرَ قَارُونُ لَمَّا رَأى أنَّ الْمَالَ حَصَلََ لَهُ بعِلْمِهِ وَلَمْ يَرَ ذلِكَ مِنْ عَطَاءِ اللهِ). والمعنى: قال قارونُ: إنَّما أعطيتُ هذا المالَ على عِلْمٍ عندي بوجوهِ الاكتساب والتِّجارات لا يعلمُها أحدٌ غيرِي.

وَقِيْلَ: معناهُ: على عِلْمٍ عندي يعني لفَضْلِ عِلمِي، فكنتُ أهلاً لِمَا أُعطِيتهُ، وكان أقرأهم للتوراةِ، والمعنى: فضَّلَنِي اللهُ عليكم بهذا المالِ، لفَضْلِي عليكم بالعلمِ، يعني علمَ الكيمياءِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً }؛ معناهُ: { أَوَلَمْ يَعْلَمْ } هذا المسكينُ الذي قد أعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ وما مَلَكَ من الدُّنيا يعني قارونَ { أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ } بالعذاب { مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ } حين كذبوا رسولَهُ { مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً }؛ للمالِ والْخَدَمِ والْحَشَمِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ }؛ معناهُ: لا يُسْئَلُ الْمُجرمونَ عن ذُنوبهم في الآخرةِ، فإنَّهم يُعرَفُونَ بسِيمَاهُمْ. قال قتادةُ: (إنَّهُمْ يَدْخُلُونَ النَّارَ بغَيْرِ حِسَابٍ).

وأما قوله تعالىفَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [الحجر: 92] فإنَّهم يُسئَلُونَ سُؤالَ تَقْرِيْعٍ وتَوْبيْخٍ، كما قال الحسنُ في معنى هذه الآيةِ (أنَّهُمْ لاَ يُسْئَلُونَ سُؤَالَ الاخْتِيَار لِيَعْلَمَ ذلِكَ مَنْ قَبْلَهُمْ، وَإنَّمَا يُسْئَلُونَ سُؤَالَ التَّوْبيْخِ وَالْمُنَاقَشَةِ).