الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ }؛ فيه إضمارٌ كأنه قالَ: آلِهَتُكم أم مَن الذي خَلَقَ السَّماواتِ والأرضِ بما فيها من العجائب والبدائعِ، { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً }؛ يعني المطرَ، { فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ }؛ أي بساتينَ، { ذَاتَ بَهْجَةٍ }؛ أي مَنْظَرٌ حَسَنٌ وأنوارٌ، والحديقةُ: هي الْبُسْتَانُ التي يُحَاطُ عليه بما فيه مِن النَّخْلِ والشَّجَرْ، فإن لَم يكن عليه حائطٌ فليس بحديقةٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا }؛ هذا نَفْيٌ، يعني ما قَدِرْتُمْ عليهِ، والمعنَى: ما ينبغي لكم ذلكَ؛ لأنَّكُم لا تقدرونَ عليها، ثُم قال اسْتِفْهَاماً مُنْكِراً عَلَيْهم: { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ }؛ أي هل معَهُ معبودٌ سِوَاهُ أَعَانَهُ على صُنعهِ في خَلْقِ هذه الأشجار. قَوْلُهُ تَعَالَى: { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ }؛ يعني كُفَّارَ مكَّةَ قومٌ يَعْدِلُونَ الأصنامَ بخالِقِهم بجَهلِهم. وَقِيْلَ: { يَعْدِلُونَ } أي يُشرِكُونَ باللهِ غيرَهُ. وَقِيْلَ: يَمِيلُونَ عن الطريقِ وعن النَّظرِ في الدَّلائلِ المؤدِّية إلى العِلْمِ بوحدانيَّةِ اللهِ.