الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } * { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ }؛ الخطابُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم والمرادُ به غيرهُ، والمعنى: كلُّ مَن دعَا معَ اللهِ إلَهاً آخرَ كان معَ الْمُعذبين. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ }؛ أي رَهْطُكَ الأدنَين وهم بنُو هاشمٍ وبنو المطَّلِب خاصَّة.

فلما نزلَتْ هذه الآيةُ " نَادَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " يَا آلَ غَالِبٍ؛ يَا آلَ لُؤَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ يَا آلَ مُرَّةَ؛ يَا آلَ كِلاَبٍ؛ يَا آلَ قُصَيٍّ؛ يَا آلَ عَبْدِ مَنَافٍ " فَأَتَوهُ وَقَالُواْ: مَا تُرِيْدُ؟! قَالَ: " أرَأيْتُمْ لَوْ حَدَّثْتُكُمْ أنَّ جَيْشاً ظَلَّكُمْ؛ أكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: " فَإنِّي نَذِيْرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَي عَذابٍ شَدِيْدٍ، وَإنِّي لاَ أمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إلاَّ أنْ تَقُولُواْ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ ".

ثُمَّ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؛ اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ؛ فَإنِّي لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ؛ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً، يَا عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِب؛ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً، يَا صَفِيَّةَ عَمَّةَ مُحَمَّدٍ؛ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئاً، يَا فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ؛ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئاً " ".

وعن ابنِ عبَّاس قال: (لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ }؛ " صَعَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا فَقَال: " يَا صَبَاحَاهُ! " فَاجْتَمَعَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ؛ فَقَالُواْ: مَا لَكَ؟! قَالَ: " أرَأيْتُمْ إنْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ الْعَدُوَّ مُصْبحُكُمْ أوْ مُمَسِّيكُمْ؛ أمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي؟ " قَالُواْ: بَلَى، قَالَ: " فَإنِّي نَذِيْرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَي عَذابٍ شَدِيْدٍ ".

قَالَ أبُو لَهَبٍ: تَبّاً لَكَ! ألِهَذا دَعَوْتَنَا جَمِيْعاً؟ " فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَىتَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } [المسد: 1] إلى آخِرِها). ومعنى الآية: عَرِّفْ قرابتَكَ يا مُحَمَّدُ أنَّكَ لا تُغنِي عنهم من اللهِ شيئاً إنْ عَصَوْهُ. والفائدةُ في تخصيصِ الأقربينَ بالإنذارِ: أنَّهم كانوا أقربَ إليهِ، كما قالَ تعالىقَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ } [التوبة: 123] وكما أنَّ الأوْلَى بالإنسانِ في البرِّ والصِّلةِ أن يبدأ بالأقرب فالأقرب.