الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } * { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ * مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا }؛ أي قالَ له قومهُ: إنَّما أنتَ مِمَّنْ سُحِرَ مرَّةً بعد مرةٍ، فلا نؤمنُ بكَ. ويقال: الْمُسَحَّرُ هو الْمُعَلَّلُ بالطعامِ والشَّراب، والسِّحْرُ مَجرَى الطعامِ، يقال: انتفخَ سِحْرُهُ؛ أي رئَتهُ والمعنى: لستَ بمَلَكٍ، إنَّما أنتَ بشرٌ مثلُنا لا تَفْضُلُنَا في شيءٍ، لستَ بملَكٍ ولا رسولٍ، { فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ }؛ إنكَ رسولُ اللهِ إلينا.

قال ابنُ عبَّاس: (سَأَلُوهُ أنْ يُخْرِجَ لَهُمْ نَاقَةً حَمْرَاءَ عَشْرَاءَ مِنْ صَخْرَةٍ مَلْسَاءَ، فَتَضَعُ وَنَحْنُ نَنْظُرُ، وَتَرِدُ هَذا الْمَاءَ فَتَشْرَبُ. فَخَرَجَ بهِمْ إلَى تِلْكَ الصَّخْرَةِ الَّتِي ذكَرُوهَا، ثُمَّ دَعَا اللهَ تَعَالَى فَتَمَخَّضَتْ تِلْكَ الصَّخْرَةُ كَمَا تَتَمَخَّضُ الْمَرْأةُ الْحَامِلُ عِنْدَ الْوِلاَدَةِ، فَخَرَجَتْ مِنْهَا نَاقَةٌ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي سَأَلُوهَا لاَ نَظِيْرَ لَهَا فِي النُّوقِ، وَكَانَ يَسُدُّ جَنَبَاهَا مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ مِنْ عِظَمِهَا).

فـ { قَالَ } لَهم صالِحُ: { هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }؛ أي اجْعَلُوا الشِّرْبَ بينها وبينَكم مُنَاوَبَةً، لَها نَوْبَةٌ يوم لا تحضُرون معها، ولكُم نوبةٌ يوم لا تحضرُ معَكُم. قال قتادة: (فَكَانَ يَوْمُ شِرْبهَا تَشْرَبُ مَاءَهُمْ كُلَّهُ أوَّلَ النَّهَارِ وَلاَ يَبْقَى لَهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَتَسْقِيهِمُ اللَّبَنَ حَتَّى تَمْلأَ جَمِيْعَ آنِيَتِهِمْ، فَإذا كَانَ يَوْمَ شِرْبهم كَانَ الْمَاءُ لَهُمْ وَلِمَوَاشِيهِمْ لاَ تُزَاحِمُهُمُ النَّاقَةُ فِيْهِ). والشِّرْبُ في اللغة: هو النَّصِيْبُ مِن الماءِ، والشُّرْبُ بضمِّ الشين المصدرُ، والشَّرْبُ بفتح الشينِ جماعةُ الشَّرَاب.