قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ }؛ أي قالَ لَهم صَالِحُ: أتُتْرَكُونَ في الدُّنيا آمِنين من الموتِ والعذاب تأكلُونَ وتشربون وتَمتَّعون ولا تُكَلَّفُونَ. وقولهُ تعالى: { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ }؛ أي أتَظُنُّونَ أنَّكم تُترَكُونَ في بساتين ومياهٍ ظَاهرة، { وَزُرُوعٍ } ، وحُرُوثٍ، { وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ }؛ أي ثَمرها نَضِيْجٌ مُدرَكٌ نَاعِمٌ، والنَّضِيْجٌ: هو الرَّخوُ اللَّيِّنُ اللطيفُ البالِغُ، { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ }؛ أي تَنْقُبُونَ في الجبالِ { بُيُوتاً فَارِهِينَ }؛ أي أشِرِيْنَ بَطِرِيْنَ.
وقرأ ابنُ عامر والكوفيُّون: (فَارِهِيْنَ) بالألفِ أي حَاذِقِيْنَ بنَحْتِهَا، مأخوذٌ مِن قولِهم: فَرِهَ الرجلُ فَرَاهَةً فهو فَارِهٌ، ويقالُ: الفَرِهُ وَالْفَارِهُ بمعنى واحد. وَقِيْلَ: إنَّ الهاء من قولهِ (فَرِهِيْنَ) بدلٌ من إلْحَاقِ الفَرَحِ في كلامِ العرب: الأشَرُ والبَطَرُ، ومنه قَوْلُهُ تَعَالَى:{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } [القصص: 76]، { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ }.