الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }؛ الإسْرَافُ: هو الإنفاقُ في معاصِي اللهِ تعالى، والْمُقَتِّرُ: مَانِعُ حقِّ اللهِ تعالى، والقَوَامُ: هو الوسطُ بين الإسرافِ والتَّقتيرِ. قرأ أهلُ المدينةِ والشام بضمِّ الياءِ وكسر التاء، وقرأ الكوفيُّون (يُقَتَّرُواْ) بفتح التاء وضم الياء، وقرأ الباقون (يَقْتِرُواْ) بفتح الياء وكسر التَّاء، وكلُّها لغاتٌ صحيحة. فالإسرافُ: نفقةٌ في معصيةِ الله تعالى وإنْ قَلَّتْ، والإقْتَارُ: منعُ حقِّ الله.

وعن الحسنِ أنَّ مَعناهُ: (لَمْ يُنْفِقُواْ فِي مَعَاصِي اللهِ، وَلَمْ يُمْسِكُواْ عَنْ فَرَائِضِ اللهِ). وَقِيْلَ: معناهُ: لَم يضَيِّقُوا في الإنفاقِ، وكان إنفاقُهم بين الإسرافِ والإقتَارِ، لا إسْرَافاً يدخلُ به في حدِّ التبذيرِ، ولا تضيْيقاً يضرُّ به في حدِّ المانع لِمَا يجبُ، وهذا هو الْمَحمودُ مِن النفقةِ.

وعن عمرَ رضي الله عنه: (مِنَ الإسْرَافِ أنْ لاَ يَشْتَهِيَ الرَّجُلُ شَيْئاً إلاَّ أكَلَهُ) وقال: (كَفَى بالْمَرْءِ سَرَفاً أنْ يَأْكُلَ كُلَّ مَا يَشْتَهِي). وقال قتادةُ: (الإسْرَافُ: النَّفَقَةُ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَالإقَتَارُ: الإمْسَاكُ عَنْ حَقِّ اللهِ، وَالْقَوَامُ مِنَ الْعَيْشِ: مَا أقَامَكَ وَأغْنَاكَ).