الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا }؛ في الآيةِ أمرٌ بالتَّحَفُّظِ عن الهجومِ عن ما لا يُؤْمَنُ من العوراتِ، وإلى هذا " أشارَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حيث قالَ للرَّجُلِ الذي قالَ لهُ: أسْتَأْذِنُ عَلَى أخَوَاتِي؟ قَالَ: " إنْ لَمْ تَسْتَأْذِنُ رَأيْتَ مِنْهَا مَا تَكْرَهُ " " أيْ ربَّما تدخلُ عليها وهي منكشفَةٌ فترى ما تكرهُ. ومعنى قولهِ تعالى { حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } أي حتى تَسْتَأْذِنُّوا، والاسْتِئْنَاسُ هو الاسْتِعْلاَمُ ليعلمَ مَن في الدار، وذلك يكون بقَرْعِ الباب والتَّنَحْنُحِ وخَفْقِ النَّعْلِ.

وكان أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ وابن عباس والأعمشُ يقرأونَها (حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُواْ عَلَى أهْلِهَا). وَقِيْلَ: إن في الآيةِ تقديمٌ وتأخيرٌ؛ تقديرهُ: حتى تُسَلِّمُوا على أهلِها وتَسْتَأْذِنُوا، وهو أنْ يقولَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ؛ أدْخُلُ؟.

ورُوي أنَّ " أعرابياً جَاءَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ألِجُ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِخَادِمَةٍ يُقَالُ لَهَا رَوْضَةٌ: " قُومِي إلَى هَذا فَعَلِّمِيْهِ، فَإنَّهُ لاَ يُحْسِنُ يَسْتَأْذِنُ، قُولِي لَهُ: تَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ؛ أدْخُلُ؟ " ".

وعن زينبَ امرأةِ ابن مسعود قالت: (كَانَ عَبْدُاللهِ إذا جَاءَ مِنْ حَاجَةٍ فَانْتَهَى إلَى الْبَاب تَنَحْنَحَ وَبَزَقَ؛ كَرَاهَةَ أنْ يَهْجُمَ عَلَيْنَا وَيَرَى أمْراً يَكْرَهُهُ). وعن أبي أيُّوب قالَ: (يَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ بالتَّكْبيْرَةِ وَالتَّسْبيْحَةِ وَالتَّحْمِيْدَةِ، وَيَتَنَحْنَحُ يُؤْذِنُ أهْلَ الْبَيْتِ).

ويُروى أنَّ أبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه أتَى إلَى مَنْزِلِ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ؛ هَذا عَبْدُاللهِ بْنُ قَيْسٍ؛ هَلْ أدْخُلُ؟ فَلَمْ يُؤْذنْ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ؛ هَذا أبُو مُوسَى. فَلَمْ يُؤْذنَ لَهُ، فَذهَبَ فَوَجَّهَ عُمَرُ بَعْدَهُ مَنْ يَرُدُّهُ، فَسَأَلَهُ عَمَّا مَنَعَهُ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " الاسْتِئْذانُ ثَلاَثٌ، فَإنْ أُذِنَ لَكَ وَإلاَّ فَارْجِعْ ". فَقَالَ: عُمَرُ رضي الله عنه: لَتَأْتِيَنِّي بالْبَيِّنَةِ وَإلاَّ عَاقَبْتُكَ! فَانْطَلَقَ أبُو مُوسَى وَأتَى بأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأبي سَعِيْدٍ الْخُدْريِّ فَشَهِدَا بذلِكَ، وَقَالَ لَهُ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذلِكَ؛ فَلاَ تَكُونَنَّ عَذاباً عَلَى أصْحَاب مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ عُمَرُ: وَمَا فَعَلْتُ؟! إنَّمَا أنَا سَمِعْتُ بشَيْءٍ فَأَحْبَبْتُ أنْ أتَثَبَّتَ.

ورُوي " أنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أأسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: لَيْسَ لَهَا خَادِمٌ غَيْرِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا كُلَّمَا دَخَلْتُ؟ قَالَ: " أتُحِبُّ أنْ تَرَاهَا وَهِيَ عَرْيَانَةٌ؟ " قَالَ: لاَ، قَالَ: " فَاسْتَأْذِنْ " ".

وَعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بغَيْرِ إذْنِهِمْ؛ حَلَّ لَهُمْ أنْ يَفْقَأُواْ عَيْنَهُ " وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2