الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } * { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً }؛ أي أظَنَنْتُمْ أنْا خَلَقْنَاكُمْ للعَبَثِ تأكلونَ وتشربون وتفعلونَ ما تُريدون وتَموتون، { وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ }؛ أي فلا تُحشرونَ للحساب، ولا تُرجعون إلى موضعٍ لا تَملِكون فيه لأنفُسِكم ضَرّاً ولا نفعاً؟

قال ابنُ عبَّاس: (مَعْنَاهُ: أفَحَسِبْتُمْ أنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً كَمَا خَلَقْنَا الْبَهَائِمَ، لاَ ثَوَابَ لها وَلاَ عِقَابَ عَلَيْهَا لَمَا قَالَأَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } [القيامة: 36] أي يُهْمَلَ كَمَا تُهْمَلُ الْبَهَائِمُ؟ قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ }؛ أي هو الْمَلِكُ الْحَقُّ الذي لهُ الملكُ؛ لأنه مَلَكَ غَيْرَهُ، وكلُّ مَن مَلَكَ غَيْرَهُ فملكهُ مستعارٌ له، فإنه لا يَملِكُ إلاّ بتمليكهِ الله إياه، فكأنه لا يعتَدُّ بملكه في ملكِ الله.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ }؛ سُمي العرشُ كَرِيْماً لكثرةِ خيرهِ بمن حولَهُ، يقالُ: فلانٌ كريمٌ؛ أي كثيرُ الخيرِ.