الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا }؛ أي أفَلَمْ يَسِرْ قومُكَ يا مُحَمَّدُ في أرضِ اليَمَنِ والشَّام؛ لينظروا آثارَ الْمُهْلَكِيْنَ، فِيعقلوا بقلوبهم ما نَزَلَ بمن كَذِب من قبلهم، ويسمَعُوا بآذانِهم خَبَرَ الأممِ الْمُكَذِّبَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَتَكُونَ لَهُمْ } نُصِبَ على جواب الْجَحْدِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ }؛ الهاءُ في قوله { فَإِنَّهَا } عمادٌ، وهو إضمارٌ على شريطةِ التفسير، والمعنى: فإنَّ الأبصارَ لا تَعْمَى؛ أي يَرَوْنَ بأبصارهم، { وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ }؛ قلوبُهم بذهابها عن إدراكِ الحقِّ بما يؤدِّي إليه الدليلُ.

وفي الآية دليلٌ أنَّ العقلَ في القلب بخلاف ما قالَهُ الفلاسفةُ والأطباء: أن مَحَلَّ العقلِ الرأسُ الدماغ؛ لأن العقلَ لو لَم يكن في القلب لَم يُوصَفِ القلبُ بأن يَعْمَى، كما لا تُوصَفُ بذلك اليدُ والرِّجل، وأما وصفُ القلوب بأنَّها في الصُّدور فعلى وجهِ التأكيد، كما في قولهِ تعالىيَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم } [آل عمران: 167]، وقولهِ تعالىوَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } [الأنعام: 38].