الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ } * { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ }؛ رويَ أنّ هذا نَزَلَ جواباً لقولِ الكفَّار: ننتظرُ بمُحَمَّدٍ ريبَ المنونِ فنستريحُ منه، والمعنى: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ البقاءَ الدائم؛ يعني أن سَبيْلَهُ سبيلَ من مضى مِن بني آدم في الموت، { أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ }؛ يعني مشركي مكةَ لَمَّا قالوا: نتربصُ بمُحَمَّدٍ ريبَ المنون، { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ } ، فقيلَ لَهم: إنْ ماتَ فأنتم أيضاً تَموتون؛ لأن كلَّ نفسٍ ذائقةُ الموتِ.

قالت عائشةُ: اسْتَأْذنَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ مَاتَ وَأُسْجِيَ عَلَيْهِ الثَّوْبُ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صَدْغَيْهِ وَقَالَ: وَا نَبيَّاهُ؛ وَا خَلِيْلاَهُ؛ وَا صَفِيَّاهُ، صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ }.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً }؛ أي نَبْلُوكُمْ بالشدَّة والرَّخاء؛ والمرضِ والعافيةِ؛ والفقر والغنَى، كلاهُما ابتلاءٌ من الله، وتشديدٍ في التَّعَبُّدِ؛ ليظهرَ شكرُهم فيما يُحبُّون، وصبرُهم فيما يكرهون { وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }؛ للجزاءِ.