قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ رَبِّ ٱحْكُم بِٱلْحَقِّ }؛ أي قُل لَهم يا مُحَمَّدُ: رب احْكُمْ بعذاب أهلِ مكَّة الذي هو حقٌّ نازلٌ بهم، والحقُّ: ها هُنا هو العذابُ، كأنه استعجلَ العذابَ لقومه، فعُذِّبُوا يومَ بدرٍ. قال قتادةُ: " كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا شَهِدَ قِتَالاً قَالَ: " رَب احْكُمْ بالْحَقِّ " ، قال الكلبيُّ: (فَحَكَمَ عَلَيِهِمْ بالْقَتْلِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَيَوْمَ الأَحْزَاب، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ، وَيَوْمَ الْخَنْدَقِ). والمعنى: أفْصِلْ بَيْنِي وبين المشركين بما يظهرُ به مِن الحقِّ للجميعِ.
وقرأ حفصٌ: (قُلْ رَب احْكُمْ بالْحَقِّ) على الخبرِ؛ أي قالَ الرسولُ ذلك. وقرأ الضحَّاك ويعقوب: (قِيْلَ رَب احْكُمْ بالْحَقِّ) بإثبات الياءِ على وجه الخبرِ؛ أي هو أحكَمُ الحاكِمين، وكيفَ يجوزُ أن يسألَهُ أن يَحْكُمَ بالحقِّ، وهو لا يحكمُ إلاّ بهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَرَبُّنَا ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }؛ أي على كَذِبكُمْ وباطلِكم وقولِكم: ما هَذا إلاَّ بَشَرٌ مثلُكم، وقولكم: اتَّخَذ الرحمنُ ولَداً. والوَصْفُ بمعنى المكذب كقولهِ تعالى{ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ } [الأنعام: 139]، وقولهِ{ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } [الأنبياء: 18].