الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالُواْ }؛ أي الذين لَم يعبدوا العجلَ، { مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا }؛ ونحنُ نَملكُ من أمرِنا شيئاً؛ أي لَم نُطِقُ رَدَّ عَبَدَةِ العجلِ مِن ما ارتكبوهُ لكثرَتِهم وقِلَّتِنَا؛ لأنَّهم اثنا عشر ألفاً، والذين عَبَدُوا العجلَ خمسُمائة ألفٍ وثَمانية وثَمانون ألفاً؛ لأنَّهم كانوا جميعاً ستُمائة ألف.

وأكثرَ القُرَّاءُ (بِملْكِنَا) بالكسرِ أي بأمرِنا. ومَن قرأ بفتحِ الميم فهو المصدرُ، ومَن قرأ بضمِّ الميم فمعناه: بسُلطاننا وقُدرتنا؛ أي لَم نقدِرْ على ردِّهم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ }؛ أي أثْقَالاً وحمالاً من حِلِيِّ آلِ فرعون، والوِزْرُ في اللغة: هو الْحِمْلُ الثقيلُ، وذلك أن موسَى كان أمرَهم أن يستعيرُوا مِن حِلِيِّهم حين أرادوا أن يَسْرُوا، هكذا روي عن ابنِ عباس. وَقِيْلَ: إنهم كانوا استعارُوها؛ ليتزيَّنُوا بها في عِيْدٍ كان لَهم، ثم يردُّوها عليهم عند الخروجِ، وكان ذلك ذنْباً منهم، فعلى ذلك يكونُ معناه: حُمِّلْنَا آثاماً مِن حِلِيِّ القوم.

وقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَقَذَفْنَاهَا }؛ أي فَقَذفْنَا الحِلِيَّ في النارِ ليُذابَ، { فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ }؛ ما معهُ من الحليِّ كما ألقينا، وذلكَ أنَّ اللهَ تعالى قد وَقَّتَ لِموسى ثلاثينَ ليلةً ثُم أتَمَّها بعشرٍ، فلما مضت الثلاثونَ قال السامريُّ: إنَّما أصابَكم هذا عقوبةً لكم بالحليِّ الذي معكم، فاجْمَعُوها حتى يجيءَ موسى فيقضي فيها، فجُمعت لهُ، فصنعَ منها العجلَ في ثلاثةِ أيَّام، ثُم قَذفَ فيه القبضةَ التي اتخذها من أثَرِ فرسِ جبريلَ.