الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } * { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } * { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ }؛ عليهم بالظَّفَرِ والغلبة. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ }؛ يعني العصَا، { تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ }؛ أي تَلْقَمْ وتَبْلَعْ ما طَرحُوا من العصيِّ والحبالِ، { إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ }؛ أي أنَّ الذي صنعوهُ كَيْدُ سَاحِرٍ. وقُرئ (كَيْدُ سِحْرٍ) كما قالوا بمعنى حذر، { وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ }؛ أي لا يَغْلِبُ حَقَّكَ بباطلهِ. وَقِيْلَ: لا يُسْعَدُ السَّاحرُ حيث كان.

فألقَى موسى عصاهُ فتلقَّفت جميعَ ما صنعوا، ثُم أخذها موسى فرجعت عصا كما كانت، { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ }؛ فما رفَعُوا رؤوسَهم حتى رأوا الجنةَ والنار، ورأوا ثوابَ أهلِها، فعندَ ذلك قالوا: (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البيِّنات) يعني الجنةَ والنار، وما رأوا مِن درجاتِهم.

قال: وكانتِ امرأةُ فرعون تسألُ مَنْ غَلَبَ؟ فقيل لَها: موسى، فقالت: آمنتُ برب موسى وهارون، فأرسلَ إليها فرعونُ، فقال: انظرُوا إلى أعظمِ صخرة تَجدونَها فأْتُوها، فإنْ هي رجعت عن قولِها وإلاّ فألْقُوها عليها، فلما أتَوها رفعت ببصرِها إلى السَّماءِ فرأتِ الجنَّةَ فقالت:رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ } [التحريم: 11] فانْتُزِعَتْ روحُها، والصخرةُ على جسدٍ لا روحَ فيه.