الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأَكَلاَ مِنْهَا }؛ أي أكلَ آدمُ وحوَّاءُ من الشجرة على وجهِ الخطأ في التأويلِ لا تعمُّداً في المعصيةِ إذ الأنبياءُ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ لا يُقيمون المعصيةَ، وهم أشدُّ خوفاً من الله أن يفعلُوا ذلك. لأنَّ بعض المفسِّرين قالَ: إن اللهَ تعالى أشارَ بالنَّهي إلى شجرةٍ بعينِها، فقال لهُ: لا تَأْكُلْ من هذه الشجرةِ، وأرادُوا جنسَ تلك الشجرة، فَنَسِيَ آدمُ الاستدلالَ بذلك على الجنسِ، فحملَ النهيَ على العينِ. وهذا كما " رُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ أخَذ الذهَبَ بإحْدَى يَدَيْهِ، وَالْحَرِيْرَ بالأُخْرَى، وَقَالَ: " هَذانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلُّ لإنَاثِهِمْ " " وأرادَ به الجنسَ دون العينِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا }؛ أي ظهرت لَهما عوراتُهما، وإنَّما جمع السَّوءَاتِ ولَم يثَنِّهما؛ لأن كلَّ شيء من شيءٍ فهو جمعٌ في موضعِ التثنية. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا }؛ أي جعلاَ يقطعان عليهما، { مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ }؛ ويجعلانه على سوءاتِهما.

وقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ }؛ أي عصاهُ بأكلِ الشجرةِ، { فَغَوَىٰ }؛ أي فَعَلَ ما لَم يكن لهُ فِعْلُهُ. وَقِيْلَ: ضَلَّ حين طلبَ الْخُلْدَ بأكلِ ما نُهِيَ عن أكلهِ. وَقِيْلَ: الغيُّ الفسادُ؛ أي فَسَدَ عليه عيشهُ، وَقِيْلَ: (فَغَوَى) أي أخطأ، وَقِيْلَ: خابَ في طلبه في أكلِ الشجرة.