الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ }

قوله عَزَّ وَجَلَّ: { وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ }؛ وَذلِكَ أنَّ آدَمَ كَانَ فِي الْجَنَّةِ وَحْشِيّاً؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يُجَالِسُهُ وَيُؤَانِسُهُ؛ فَنَامَ نَوْمَةً فَخَلَقَ اللهُ تَعَالَى زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ مِنْ قَصِيْرَاهُ؛ مِنْ شِِقِّهِ الأَيْسَرِ مِنْ غَيْرِ أنْ أحَسَّ آدَمُ بذَلِكَ وَلاَ وَجَدَ لَهُ ألَماً؛ وَلَوْ ألِمَ مِنْ ذَلِكَ لَمَا عَطَفَ رَجُلٌ عَلَى امْرَأةٍ؛ فَلَمَّا هَبَّ آدَمُ مِنْ نَوْمِهِ إِذْ هُوَ بحَوَّاءَ جَالِسَةً عِنْدَ رَأْسِهِ كَأَحْسَنِ مَا خَلَقَ اللهُ. قَالَ لَهَا: مَنْ أنْتِ؟ قَالَتْ: زَوْجَتُكَ! خَلَقَنِي اللهُ لَكَ.

فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ ذلِكَ امْتِحَاناً لَهُ: مَا هَذِهِ يَا آدَمُ؟ قَالَ: امْرَأةٌ، قَالُوا: وَمَا اسْمُهَا؟ قَالَ: حَوَّاءُ، قَالُوا: وَلِمَ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ؟ قَالَ: لأنَّها خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ، قَالُوا: يَا آدَمُ أتُحِبُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُواْ لِحَوَّاءَ: أتُحِبيْنَهُ يَا حَوَّاءُ؟ قَالَتْ: لاَ، وَفِي قَلْبَها أضْعَافُ مَا فِي قَلْبهِ مِنْ حُبهِ، فَلَوْ صَدَقَتِ امْرَأةٌ فِي حُبهَا لِزَوْجِهَا لَصَدَقَتْ حَوَّاءُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً }؛ أي واسِعاً كثيراً، { حَيْثُ شِئْتُمَا }؛ وأين شِئتُما وكيفَ شئتما، { وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ }؛ قِيْلَ: هي الكَرْمُ؛ وَقِيْلَ: التين؛ وَقِيْلَ: شجرةٌ من أحسَنِ أشجار الجنَّة عليها كلُّ نوعٍ من أطعِمَة الجنَّة؛ ثَمرُها مثل كِليةِ البقرة؛ أليَنُ من الزُّبد؛ وأحلَى من الشَّهد؛ وأشدُّ بياضاً من اللَّبن.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ } ، أي فتَصِيرا من الضارِّين لأنفُسِكما بالمعصيةِ؛ وأصلُ الظُّلْمِ: وَضْعُ الشََّيءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ.