الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }

قوله عَزَّ وَجَلَّ: { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ }؛ أي وَاظِبُوا وداومُوا على الصلواتِ المفروضةِ في مواقيتِها وشروطِها.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } اختلفُوا فيها؛ فعن عليٍّ وابنِ عباس وأبي هريرةَ وعبدالله والحسنِ والنخعيِّ وقتادة وأبي أيوبَ والضحاكِ والكلبيِّ ومقاتل: (إنَّهَا صَلاَةُ الْعَصْرِ) يدلُّ عليه ما رَوى سمرة بن جندبٍ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: " الصَّلاَةُ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ " وفي بعضِ الأخبار: هي التي فرَّط فيها سليمانُ.

وعن هشامِ بن عروةَ عن أبيهِ قال: كَانَ فِي مُصْحَفِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (حَافِظُوا علَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ) { وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }؛ وهكذا كان يقرؤُها أُبَيّ بن كعبٍ. وعن أبي يونسَ رضي الله عنه مولَى عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ قَالَ: أمَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنْ أكْتُبَ لَهَا مُصْحَفاً، فَقَالَتْ: إذا بَلَغْتَ { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ } فَآذنِّي، فَلَمَّا بَلَغْتُ أعْلَمْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ).

وروى نافعٌ عن حفصةَ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهَا قَالَتْ لِكَاتِب مُصْحَفِهَا: إذَا بَلَغْتَ ( { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } فَأَخْبرْنِي، حَتَّى أُخْبرَكَ بَما سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا بَلَغَ إلَى ذَلِكَ وَأخْبَرَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: اكْتُبْ، فَإنَّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطََى صَلاَةِ الْعَصْرِ ".

وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ يومَ الخندقِ: " شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْْوُسْطَى صَلاَةِ الْعَصْرِ، مَلأَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَبُطُونَهُمْ نَاراً " وقال عليٌّ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى صَلاَةِ الْعَصْرِ، مَلأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً " ثُمَّ صَلاَّهَا بَيْنَ الْعِشَائَيْنِ

" ورويَ أن رجلاً قال في مجلسِ عمر بن عبدالعزيز بنِ مروان: أرْسَلَنِي أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَأنَا غُلاَمٌ صَغِيْرٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أسْأَلُهُ عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى، فَأَخَذَ بإصْبَعِي الصَّغِيْرَةِ وَقَالَ: " هَذِهِ الْفَجْرُ " وَقَبَضَ الَّتِي تَلِيْهَا وَقَالَ: " هَذِهِ الظُّهْرُ " ، ثُمَّ قَبَضَ الإبْهَامَ وَقَالَ: " هَذِهِ الْمَغْرِبُ " ثُمَّ قَبَضَ الَّتِي تَلِيْهَا وَقَالَ: " هَذِهِ الْعِشَاءُ " ثُمَّ قَالَ: " أيُّ أصَابعِكَ بَقِيَ؟ " قُلْتُ: الْوُسْطَى، وَقَالَ: " وَأيُّ صَلاَةٍ بَقِيَتْ؟ " قُلْتُ: الْعَصْرُ، قَالَ: " هِيَ الْعَصْرُ " ".

قالوا: وإَّما كانت العصرُ هي الوسطى؛ لأنَّها بينَ صلاتَي ليل وصلاتَي نَهارٍ؛ وإنَّما خصَّها بالذكر لأنَّها تقعُ في وقت اشتغالِ الناس بأمور البيت، فخصَّها بالذِّكر للحثِّ عليها. روى بُرَيْدَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " بَكِّرُواْ بالْعَصْرِ يَوْمَ الْغَيْمِ، فَإنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبطََ عَمَلُهُ "

السابقالتالي
2 3