الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ }؛ أي الذين مالوا إلى التحريف للتوراة والإنجيل هم الذين استبدلوا الكفر بالإيمان، وقوله تعالى { وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ } معناه: أنَّ الإيمانَ بالنبي صلى الله عليه وسلم يوجبُ المغفرةَ؛ والكفرَ به يوجب العذابَ؛ فيكونُ المستبدِلُ للكفر بالإيْمان مُشترياً للعذاب بالمغفرة.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } قال الحسنُ وقتادة والربيع: (وَاللهِ وَمَا لَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ صَبْرٍ؛ وَلَكِنْ مَا أجْرَأهُمْ عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي يُقَرِّبُهُمْ إلَى النَّار!). وقال الكسائيُّ وقطرب: (مَا أصْبَرَهُمْ عَلَى عَمَلِ أهْلِ النَّار؛ أيْ مَا أدْوَمَهُمْ عَلَيْهِ). وقيل: معناهُ: ما ألقاهم في النار. وقال عطاءُ والسدي: (مَعْنَاهُ: مَا الَّذِي أصْبَرَهُمْ عَلَى النَّار، وَأيَّ شَيْءٍِ صَبَّرَهُمْ عَلَى النَّار حِيْنَ تَرَكُواْ الْحَقَّ وَاتَّبَعُواْ الْبَاطِلَ).

وَقِيْلَ: هو لفظُ استفهامٍ بمعنى التوبيخ لهم والتعجب لنا، كأنه قال: ما أجرأهم على فعل أهل النار مع علمهم. قالوا: وهذه لغةٌ يَمانية. وقال الفراءُ: (أخْبَرَنِي الْكَسَائِيُّ؛ قَالَ: أخْبَرَنِي قَاضِي الْيَمَنِ: أنَّ خَصْمَيْنِ اخْتَصَمَا إلَيْهِ، فَوَجَبَتِ الْيَمِيْنُ عَلَى أحَدِهِمَا؛ فَحَلَفَ، فَقَالَ لَهُ خَصْمُهُ: مَا أصْبَرَكَ عَلَى اللهِ! أيْ مَا أجْرَأكَ عَلَى اللهِ).