الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ }؛ يعني مؤمني أهل الكتاب: عبدُالله بنُ سلام وأصحابهُ، { يَعْرِفُونَهُ }؛ أي يعرفون مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم، { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } ، من بين الصِّبيان. روي عن ابن عباس أنه قال: [لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِيْنَةَ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِعَبْدِاللهِ بْنِ سَلاَمٍ: قَدْ أنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبيِّهِ عليه السلام: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } ، كَيْفَ يَا عَبْدَاللهِ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ؟ قَالَ: يَا عُمَرُ لَقَدْ عَرَفْتُهُ فِيْكُمْ حِيْنَ رَأيْتُهُ كَمَا أعْرِفُ ابْنِي إذَا رأيْتُهُ مَعَ الصِّبْيَانِ يَلْعَبُ، وَأنَا أشَدُّ مَعْرِفَةً بمُحَمَدٍ صلى الله عليه وسلم مِنَّي لابْنِي، فَقَالَ عُمَرُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أشْهَدُ أنَّهُ رَسُولُ اللهِ حَقٌّ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَقَدْ نَعَتَهُ اللهُ فِي كِتَابنَا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَفَّقَكَ اللهُ يَا ابْنَ سَلاَمٍ؛ فَقَدْ صَدَقْتَ وَأصَبْتَ].

قولهُ تعالى: { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ }؛ مثل كعب بن الأشرف وأصحابه (يَكْتُمُونَ الْحَقَّ) يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وأمر الكعبة، { وَهُمْ يَعْلَمُونَ }؛ أن ذلك حقٌّ. رُويَ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِيْنَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: " كُنْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أشَدُّ مَعْرِفَةً لَكَ مِنَّي بابْنِي. قَالَ لَهُ: " وَكَيْفَ ذلِكَ؟ " قَالَ: لأنِّي أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَقّاً يَقِيْناً؛ وَلاَ أشْهَدُ بذَلِكَ لابْنِي؛ لأَنِّي لاَ أدْري مَا أحْدَثَتِ النِّسَاءُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَفَّقَكَ اللهُ يَا عَبْدَاللهِ ".