الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ }؛ قال ابنُ عباس: (نَزَلَتْ فِي أهْلِ السَّفِيْنَةِ الَّذِيْنَ قَدِمُواْ مَعَ جَعْفَرَ بْنِ أبي طَالِبٍ؛ وَكَانُواْ أرْبَعِيْنَ رَجُلاً؛ اثْنَانِ وَثَلاَثُونَ مِنَ الْحَبَشَةِ؛ وَثَمَانِيَةٌ مِنْ رُهْبَانِ الشَّامِ؛ مِنْهُمْ بحِيْرَا). وقال الضحَّاك: (هُمْ مَنْ آمَنَ مِنَ الْيَهُودِ: عَبْدُاللهِ بْنُ سَلاَمٍ، وَشُعْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَأُسَيْدُ وَأسَدُ ابْنَا كَعْبٍ، وَابْنُ يَامِيْنَ، وَعَبْدُاللهِ بْنُ صُوريّا). وقال عكرمةُ: (هُمْ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم). وقيل: همُ المؤمنونَ عامة.

وقَوْلُهُ تَعَالَى: { يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } قال الكلبيُّ: (يَصِفُونَهُ فِي كُتُبهِمْ حَقَّ صِفَتِهِ لِمَنْ سَأَلَهُمْ مِنَ النَّاسِ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَكُونُ الْهَاءُ رَاجِعَةً إلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وقال بعضُهم: هي عائدةٌ إلى الكتاب. واختلفوا في معناهُ؛ قال ابنُ مسعود: { يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } أي يُحَلِّلُونَ حَلاَلَهُ وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُ وَيَقْرَأْونَهُ كَمَا أُنْزِلَ، وَلاَ يُحَرِّفُونَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ. وقال الحسنُ: (مَعْنَاهُ: يَعْمَلُونَ بمُحْكَمِهِ وَيُؤْمِنُونَ بمُتَشَابههِ؛ وَيَكِلُونَ عِلْمَ مَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ إلَى عَالِمِهِ). وقال مجاهدُ: (يَتَّبعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ).

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }؛ أي بالقرآنِ ويُقِرُّون بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمن يَكْفُرْ بِهِ }؛ أي بالقرآنِ ويَجْحَدُ نبوَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ } ، وهم كعبُ بن الأشرفِ وأصحابهُ.