الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَـٰنَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَـٰنَهُ }؛ نزلت في يهودِ المدينة حيث قالوا: عُزَيْرٌ ابن الله، وفي نصارى نجران حيث قالوا: المسيحُ ابن الله، وفي مشركي العرب حيث قالوا: الملائكةُ بنات الله. وقوله: { سُبْحَـٰنَهُ } تنْزيهاً نَزَّهَ نفسَهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }؛ عبيدٌ وملكٌ؛ أي مَن كان مالِكَ السماوات والأرض؛ فإن الأشياءَ تضافُ إليه من جهة المِلك. قَوْلُهُ تَعَالَى: { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }؛ أي مطيعون.

وهذا تأويلٌ لا يستغرق الكلَّ، فيكون لفظ عمومٍ أريدَ به الخصوص. ثم سَلَكُوا في تخصيصه طريقين؛ أحدُهما: راجعٌ إلى عُزير والمسيح والملائكة، وهذا قولُ مقاتل. والطريق الثَّاني: راجعٌ إلى أهل طاعتهِ دون الناس أجمعين، وهذا قولُ ابنِ عباس والفرَّاء. وقال بعضهم: هو عامٌّ في جميعِ الخلق.

ثُمَّ سَلَكوا في الكفار طريقين؛ أحدُهما: أن ظِلالَهُم تسجدُ لله وتطيعه؛ وهو قولُ مجاهد؛ ودليل قَوْلُهُ تَعَالَى:يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ } [النحل: 48]، وقال تعالى:وَظِلالُهُم } [الرعد: 15]. والثَّاني: قالوا: هذا في القيامةِ، قاله السديُّ؛ وتصديقهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ } [طه: 111]. وقال عكرمةُ ومقاتلُ: (مَعْنَى الآيَةِ: كُلٌّ لَهُ مُقِرُّونَ بالْعُبُودِيَّةِ). وقال ابن كيسان: (قَائِمُونَ بالشَّهَادَةِ، وَأَصْلُ الْقُنُوتِ الْقِيَامُ). وقيل: مُصلُّون؛ دليلهُ:أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ } [الزمر: 9]. وقيل: دَاعُونَ، ويسمَّى دعاءُ الوِتْرِ: قنوتٌ، الآية يدعو قائماً.