الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً } ، (واو) العطفِ دَخلت عليها الألفُ ألفُ الاستفهامِ كما تدخلُ على الفاء في قَوْلِهِ تَعَالَى:أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ } [الزخرف: 40]أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ } [الكهف: 50]. وعلى (ثُمَّ) كقولهِ:أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ } [يونس: 51].

قرأ أبو السمَّالِ (أوْ كُلَّمَا) ساكنة الواو على النسق. و(كُلَّمَا) انتصبَ على الظرفِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { عَاهَدُواْ عَهْداً } يعني اليهودَ. قال ابنُ عبَّاس: [لَمَّا ذكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ مَا أخَذَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَمَا عَهِدَهُ إلَيْهِمْ فِيْهِ؛ قَالَ مَالِكُ ابْنُ الْمُصْفِي: وَاللهِ مَا عُهِدَ إلَيْنَا فِي مُحَمَّدٍ عَهْداً وَلاَ مِيْثَاقاً. فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ]. تُوَضِّحُهُ قراءةُ ابنِ رجاءٍ أبي العطارديِّ: (أوَكُلَّمَا عُوهِدُواْ عَهْداً) فجعلَهم مفعولين. ودليلُ هذا التأويلِ قَوْلُهُ تَعَالَى:وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ } [آل عمران: 187] الآية.

وقالَ بعضُهم: هو أن اليهودَ عاهَدُوا: لئِنْ خرجَ مُحَمَّدٌ لنؤمننَّ به ولنكوننَّ معه على مشرِكي العرب ونَنفُوهم من بلادهم. فلما بُعث نقضُوا العهدَ وكفروا به، دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } [البقرة: 101] أي طرحوهُ وراءَ ظهورهم. { نَّبَذَهُ }؛ أي طرحَهُ { فَرِيقٌ مِّنْهُم }؛ أي طرحوهُ كأنَّهم لا يعلمون صِدْقَ ما جاء به النبيُّ صلى الله عليه وسلم. قَوْلُهُ تَعَالَى: { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }؛ أي أنَّهم يعلمون ذلكَ ولكنَّهم تجاهلوهُ كأنَّهم لا يعلمونَ.