الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }

قوله عَزَّ وَجَلَّ: { فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ }؛ أي شكٌّ ونفاق، وسمي النفاق مرضاً لأنه يهلكُ صاحبه؛ ولأنه يضطربُ في الدِّين يوالِي المؤمنينَ باللسان؛ والكفارَ بالقلب؛ فحاله كحالِ المريض الذي هو مضطربٌ بين الحياة والموت. وقيل: إنَّ الشكَّ؛ أي بالقول: ألَمُ القلبِ، والمرضَ: ألَمُ البدنِ. فسُمِّيَ الشكُّ مرضاً لِما فيه من الْهَمِّ والحزنِ. وقيل: سُمي النفاقُ مرضاً؛ لأنه يضعفُ الدِّين واليقينَ كالمرض الذي يضعفُ البدنَ وينقص قواهُ؛ ولأنه يؤدِّي إلى الهلاكِ بالعذاب كما أن المرضَ في البَدَنِ يؤدِّي إلى الهلاكِ بالموتِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً }؛ أي شَكّاً ونِفَاقاً وعذاباً وهَلاَكاً. والفاءُ في { فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ } بمعنى الْمُجَازَاةِ. وقِيْلَ: على وجهِ الدُّعاءِ، { وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ }؛ أي موجعٌ يخلصُ وَجَعُهُ إلى قُلُوبهم؛ وهو بمعنى مؤلِم. قَوْلُهُ تَعَالَى: { بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }؛ قال بعضُهم: الباءُ في { بمَا } صلةٌ؛ أي لَهم عذابٌ ألِيْمٌ بكذبهم وتكذِيبهم اللهَ ورسولَهُ في السرِّ؛ فيكون (مَا) مصدريةٌ؛ والأَولَى إعمالُ الحروف. و(مَا) وُجد لَها مُساغ؛ أي بالشَّيء الذي يكذِّبون.

وفي قولهِ: { يَكْذِبُونَ } خلافٌ بين القرَّاء، فقرأ أهلُ الكوفةِ بفتحِ الياء وتخفيفِ الذَّال؛ أي بكذبهم إذْ قالوا: آمَنَّا، وهم غيرُ مؤمنين.