الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ }؛ أي لا يقدرون على الشفاعةِ، { إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً }؛ أي لكن مَن اتَّخذ عند الرحمنِ عهداً وهم المؤمنون، فإنَّهم يَملكون الشفاعةَ. قال ابنُ عبَّاس: (شَهَادَةُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ). و(مَنْ) في موضعِ نصبٍ على الاستثناء المنقطعِ. قال ابنُ عبَّاس: (لاَ يَشْفَعُ إلاَّ مَنْ قَالَ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ، وَتَبَرَّأ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إلَيْهِ، وَلاَ يَرْجُو إلاَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ).

وعنِ ابن مسعودٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذاتَ يَوْمٍ: " " أيَعْجَزُ أحَدُكُمْ أنْ يَتَّخِذ كُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ عِنْدَ اللهِ عَهْداً؟! " قَالُواْ: كَيْفَ؟ قَالَ: يقولُ: " اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، إنِّي أعْهَدُ إلَيْكَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بأَنِّي أشْهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ أنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيْكَ لَكَ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَأنَّكَ إنْ تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي، تُقَرِّبْنِي مِنَ الشَّرِّ وَتُبَاعِدْنِي مِنَ الْخَيْرِ، وإنِّي لاَ أثِقُ إلاَّ برَحْمَتِكَ، فَاجْعَلْهُ لِي عَهْداً تُوَفِّينَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ. فَإذا قَالَ ذلِكَ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهِ بطَابِعٍ وَوُضِعَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَإذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، نَادَى مُنَادٍ: أيْنَ الَّذِيْنَ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ " ".