الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }؛ معناهُ: وإذا تُتْلَى على الكفَّار آياتُ القُرْآنِ الْمُنَزَّلَةِ قالُوا { لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ }؛ أي الدِّينين، { خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً }؛ خيرٌ مَسْكناً وخيرٌ مجلساً في الدُّنيا، فكذلكَ يكون في الآخرةِ.

يعني أنَّ مشركي قريشٍ كانوا يقولون لفقراءِ المؤمنين: أيُّ الفريقينِ خيرٌ مقاماً؛ نُحْنُ أم أنتم؟ والْمَقَامُ والمسكن والمنْزِلُ والنَّدِيُّ والنادي: مجلسُ القوم ومجتمعُهم، وكانوا يلبسون أحسنَ الثِّياب، ثُمَّ يقولون مِثْلَ هذا للمؤمنين.

فأجابَهم اللهُ تعالى بقوله: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً }؛ أي وَكَمْ أهلكنا قبلَ قُريشٍ مِن الأمم الخاليةِ هُم أحسنُ أموالاً وأحسنُ منظراً، والأثاثُ: المالُ، جَمْعُ الإبلِ والغنمِ والعبيد والمتاعِ، وقال الحسنُ: (الأَثَاثُ: اللِّبَاسُ، وَالرِّئِيُّ: الْمَنْظَرُ).

وقُرِئَ (وَرِياً) بغيرِ همزٍ من الرَّيِّ الذي هو ضدُّ العطشِ، والمرادُ: أن منظَرَهم مُرْتَوٍ من النعمةِ كأنَّ النعيمَ بيِّن فيهم؛ لأن الرِّيَّ يتبعهُ الطَرَاوَةُ، كما أنَّ العطشَ يتبعهُ الذُّبولُ.