الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ }؛ أي اضرِبْ يا مُحَمَّدُ لِهؤلاء المتكبرين المترَفين مِن قومِكَ الذين سألوكَ طردَ فقراءِ المؤمنين صفةَ الحياة الدُّنيا في بقائها وفنائِها؛ كَمَاءٍ أنزَلْنَاهُ { مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ }؛ فَنَجَعَ في النَّباتِ حتى خالطَهُ، وأخذ النباتُ زُخْرُفَهُ فصار أجناساً مختلفةً بعضُها مخلَّطٌ ببعضٍ؛ { فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ }؛ متفتِّتاً، والهشيمُ ما تَكَسَّرَ وَانْحَطَمَ، ثم فرَّقتْهُ الرياحُ، وطارت به كما يطيرُ بأشياءٍ خفيفة فلا يبقَى له أثرٌ، كذلك الدُّنيا يفنى منها كلُّ شيء كما لا يبقَى من الهشيمِ شيءٌ؛ { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً }؛ أي لَم يزل قادراً على خَلْقِ الأشياء. قالتِ الحكماءُ: شبَّهَ اللهُ الدنيا بالماءِ؛ لأن الماءَ لا يستقرُّ في موضعٍ، كذلك الدُّنيا لا تُبقِي على أحدٍ.