الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ }؛ أي وكُن لهما مُتضرِّعاً مُتَذلِّلاً، فإنَّ خَفْضَ الْجَنَاحِ عبارةٌ عن الخضُوعِ، والمبالغةِ في التذلُّل والتواضعِ، وعن عطاء أنه قالَ: (جَنَاحُكَ يَدُكَ، فَلاَ يَنْبَغِي لَكَ أنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ عِنْدَ أبَوَيْكَ، وَلاَ أنْ تُحِدَّ بَصَرَكَ عَلَيْهِمَا تَعْظِيماً لَهُمَا).

وعن عُروة بنِ الزُّبير قال: (مَا أبَرَّ وَالِدَهُ مَنْ أحَدَّ النَّظَرَ إلَيْهِ). وَقِيْلَ: خفضُ الجناحِ عبارةٌ عن السُّكون، قرأ الحسنُ وسعيد بن جبير وعاصم: (جَنَاحَ الذِّلِّ) بكسرِ الذال؛ أي لا تَسْتَصْعِبْ معَهُما.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }؛ وهذا أمرٌ بالدُّعاء لهما بالرحمةِ والمغفرةِ إذا كانا مُسلِمين، والمعنى: رب ارحَمهُما مثلَ رَحمتِهما أيَّايَ في صِغَري حتى ربَّيانِي، وقال قتادةُ: (هَكَذا عُلِّمْتُمْ، بهَذا أُمِرْتُمْ).

قال صلى الله عليه وسلم: " رضَا اللهِ مَعَ رِضَا الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ اللهِ مَعَ سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ " ، وقال صلى الله عليه وسلم: " " مَنْ أمْسَى مَرْضِيّاً لِوَالِدَيْهِ وَأصْبَحَ، أصْبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ إلَى الْجَنَّةِ، وَإنْ كَانَ وَاحِداً فَوَاحِدٌ. وَمَنْ أمْسَى مُسْخِطاً لِوَالِدَيْهِ وَأصْبَحَ، أصْبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ إلَى النَّارِ، وَإنْ كَانَ وَاحِداً فَوَاحِدُ " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ فَإْنْ ظَلَمَاهُ؟ قَالَ: " وَإنْ ظَلَمَاهُ؛ وَإنْ ظَلَمَاهُ؛ وَإنْ ظَلَمَاهُ " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ".