الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } * { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ }؛ أي مُسرِعين نحوَ البلاءِ الذي ينْزِلُ بهم، والإهْطَاعُ: الإسْرَاعُ، وقال مجاهدُ: (مُهْطِعينَ؛ أيْ مُدِيْمِينَ النَّظَرَ)، قال الخليلُ: (الْمُهْطِعُ: الَّذِي قَدْ أقْبَلَ عَلَى الشَّيْءِ بنَظَرِهِ وَلاَ يَرْفَعُ عَيْنَيْهِ عَنْهُ). قَوْلُهُ تَعَالَى: { مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ } أي رَافِعي رؤوسِهم إلى ما يَرَون في السَّماء من الانفطار، وانتشار الكواكب، وتكويرِ الشَّمس ونحوِ ذلك.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ }؛ أي لا يُغمِضُونَ أعْيُنهم من الهولِ والفزَعِ، وقولهُ تعالى: { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } أي قلوبُهم خاليةٌ من خيرٍ، وَقِيْلَ: مجوَّفَةٌ لا عقولَ فيها، قال السديُّ: (هَوَتْ أفْئِدَتُهُمْ بَيْنَ مَوْضِعِهَا وَبَيْنَ الْحِنْجَرَةِ، فَلاَ هِيَ عَائِدَةٌ إلَى مَوْضِعِهَا، وَلاَ هِيَ خَارجَةٌ مِنْهَا).

ثم عادَ إلى خطاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ } أي أعلِمْهُم بموضعِ المخافة يوم يأتيهم العذابُ وهو يومُ القيامةِ؛ { فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ }؛ أي الكفارُ: { رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ }؛ أعِدْنَا إلى حالِ التكليف، { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ }؛ واستَمْهَلوا مدَّةً يسيرةً كي يُجيبوا الدعوةَ ويتَّبعُوا الرسُلَ، فقَالَ اللهُ تَعَالَى: { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ }؛ أي حَلَفْتُمْ مِن قبلِ هذا في الدُّنيا، { مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ }؛ من الدُّنيا الى الآخرةِ كما قَالَ اللهُ تَعَالَى:وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ } [النحل: 38].