الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ }؛ أي قالَ إبراهيمُ: إنِّي أسكنْتُ بعضَ ذُرِّيَتي، وهو إسماعيلُ مع أُمِّه هَاجَرَ، بوادٍ جَدْبٍ لا يُنبتُ شيئاً، وأرادَ به وادِي مكَّة وهو الأَبْطَحُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ }؛ أي عندَ المسجدِ الحرام، سَمَّاهُ الْمُحَرَّمَ لأنه لا يستطيعُ أحدٌ الوصولَ إلا بالإحرامِ. وَقِيْلَ: أرادَ به حُرمَةَ الاصطيادِ والقتلِ، كما رُوي في الخبرِ: " أنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ لاَ يُخْتَلَي خَلاَؤُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا ".

وقَوْلُهُ تَعَالَى: { رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ }؛ أي أسْكنتُهم عندَ بيتكَ الْمُحَرَّمِ ليُقِيمُوا الصلاةَ بحرَمِ مكَّة، { فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ }؛ أي تُسرِعُ إليهم، قال مجاهدُ: (لَوْ قَالَ إبْرَاهِيمُ: أفْئِدَةَ النَّاسِ، لَزَاحَمَتْهُمُ الرُّومُ وَفَارِسُ، وَلَكِنْ قَالَ: أفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ)، وقال ابنُ جُبير: (لَوْ قاَلَ إبْرَاهِيمُ: أفْئِدَةَ النَّاسِ، لَحَجَّتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: أفِئَدَةً مِنَ النَّاسِ فَهُمُ الْمُسْلِمُونَ).

وقُرئ (تَهْوَى) بنصب الواو من هَوَى يَهْوَى إذا أحبَّ، إلاَّ أن القراءةَ المعروفة بالكسرِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }؛ ظاهرُ المعنى.