الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ }؛ أي يُثَبتُ اللهُ الذين آمَنوا بقولٍ ثابت وهو: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ في الحياةِ الدُّنيا، وفي الآخرةِ يعني القبرَ، كما روُي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: " إنَّ الْمُؤْمِنَ إذا دَخَلَ قَبْرَهُ وَأتَاهُ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ وَقَالاَ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبيُّكَ؟ فَيُثَبتُهُ اللهُ فَيَقُولُ: اللهُ رَبي؛ وَالإسْلاَمُ دِينِي؛ وَمُحَمْدٌ نَبيِّي. فَيَقُولاَنِ: صَدَقْتَ هَكَذا كُنْتَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَى النَّار، فَيَقُولاَنِ لَهُ: هذا كَانَ مَنْزِلَكَ لَوْ كَفَرْتَ برَبكَ، فَإذا آمَنْتَ برَبكَ فَهَذا مَنْزِلُكَ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَى الْجَنَّةِ وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِه.

وَإنْ كَانَ كَافِراً أوْ مُنَافِقاً فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا تَقُولُ لِهَذا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لاَ أدْري، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ كَذا وَكَذا. فَيَقُولاَنِ لَهُ: لاَ دَرَيْتَ وَلاَ اهْتَدَيْتَ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَى الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذا لَكَ لَوْ آمَنْتَ، فَأَمَّا إذا كَفَرْتَ فَإنَّ اللهَ بَدَّلَكَ بهِ هَذا، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَى النَّارِ، ثُمَّ يَقْمَعُهُ بالْمِطْرَاقِ قَمْعَةً فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهُ خَلْقُ اللهِ كُلُّهُمْ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ، فَلاَ يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَيْءٌ إلاَّ لَعَنَهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَى النَّارِ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ ريحِهَا وَسَمُومِهَا، وَيُقَالُ لَهُ: نَمْ نَوْمَةَ اللَّدِيغِ، ثُمَّ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ عَلَيْهِ أضْلاَعُهُ " فَذلِكَ قولهُ { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ }؛ { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ }؛ أي ويهلِكُهم، { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ }؛ من التَّثبيتِ والإضلالِ، لا مانعَ له مما يفعلهُ.