الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ }؛ رُوي أن الرَّعْدَ اسمُ ملَكٍ يزجرُ السحابَ يؤلفُ بعضه إلى بعضٍ، وتسبيحهُ زَجْرُهُ للسحاب، قال عكرمةُ: (هُوَ كَالْحَادِي لِلإبلِ).

وعن ابن عبَّاس قال: " أقْبَلَتِ الْيَهُودُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ: يَا أبَا الْقَاسِمِ نَسْأَلُكَ عَنْ أشْيَاء، فَإنْ أصَبْتَ فِيْهَا اتَّبَعْنَاكَ وَآمَنَّا بكَ، قَالَ: " اسْأَلُوا " قَالُواْ: أخْبرْنَا عَنِ الرَّعْدِ، قَالَ: " مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُوَكَّلٌ بالسَّحَاب، مَعَهُ مَخَاريقَ يَسُوقُ بهَا السَّحَابَ حَيْثُ يَشَاءُ اللهُ " قَالُواْ: صَدَقْتَ، فَمَا الَّذِي يُسْمَعُ؟ قَالَ: " زَجْرُ السَّحَاب إذا زَجَرَهُ الْمَلَكُ " قَالُواْ: صَدَقْتَ ".

وقال عطيَّةُ: (الرَّعْدُ مَلَكٌ وَهَذا تَسْبيحُهُ، وَالْبَرْقُ سَوْطُهُ الَّذِي يَزْجُرُ بهِ السَّحَابَ، يُقَالُ لِذلِكَ الْمَلَكِ: رَعْدٌ، وَلِصَوْتِهِ: رَعْدٌ). وقالَ أبُو هريرةَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ: " سُبْحَانَ مَنْ يُسَبحُ الرَّعْدُ بحَمْدِهِ " " ، وكان ابنُ عبَّاس إذا سَمِعَ الرعدَ قالَ: (سُبْحَانَ الَّذِي سَبَّحْتَ لَهُ).

قال ابنُ عبَّاس: (مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ فَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبحُ الرَّعْدُ بحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيْفَتِهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فَإنْ أصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَعَلَيَّ دِيَتُهُ). " وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ كَانَ إذا سَمِعَ الرَّعْدَ وَالصَّوَاعِقَ قَالَ: " اللَّهُمَّ لاَ تَقْتُلْنَا بَغَضَبكَ، وَلاَ تُهْلِكْنَا بعَذابكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذلِكَ " ".

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ }؛ يعني ويُسَبحُ الملائكةُ من خِيْفَةِ اللهِ وخِشيَتِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ }؛ أي يرسلُ النِّيرانَ التي تسقطُ من الغيُومِ فيحرِقُ ما تقع عليه نيران البرقِ، فيُهلِكُ بها من يشاءُ من خلقهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ }؛ أي الكفارُ يخاصِمون في اللهِ وفي إثبات شريكٍ معه، { وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } أي شديدُ القوَّة والعقوبةِ.