قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ }؛ أي قال ابنُ نوحٍ: سأذهبُ وأرجع إلى مأوًى من الجبلِ حَريزٍ يَمنعُنِي من آفاتِ الماء، { قَالَ }؛ له نوحُ عليه السلام: { لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ }؛ بالنجاةِ، وتقديرُ الكلامِ: لا عاصمَ اليومَ من عذاب الله إلا اللهُ تعالى، وقال بعضُهم: لا عاصمَ اليومَ من عذاب الله إلا مَنْ رَحِمَهُ اللهُ، وهو نوح عليه السلام فإنَّه قد جعلَ الله إليه إركابَ المؤمنين في السفينةِ وَقِيْلَ: معناهُ: لا معصومَ اليوم إلا من رَحِمَهُ اللهُ، كما قال الحطيئة:
دَعِ الْمَكَارمَ لاَ تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا
وَاقْعُدْ فَإنَّكَ أنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي
الْمَطْعُومُ الْمَكْسُوُّ، ومنه يقالُ: سِرٌّ كَاتِمٌ أي مكتومٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ }؛ أي بين كنعانَ ونوح، وَقِيْلَ: بين كنعان والجبلِ، { فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ }.