الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ }

وقوله: { فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا }؛ أي قالَ الرُّؤساء والأشرافُ الذين كفَروا من قومِ نوحٍ: ما نراكَ يا نوحُ إلا بَشَراً مثلَنا في الصورةِ والخفَّة، فلِمَ صِرْتَ أولى أن تكون نَبيّاً ورَسُولاً للهِ منَّا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا }؛ ما نراكَ آمَنَ بكَ إلاّ الذين هم أسَافِلُنا وأخَسُّنا، قال ابنُ عبَّاس: (يُرِيدُونَ الْمَسَاكِينَ الَّذِينَ لا عُقُولَ لَهُمْ وَلاَ شَرَفَ وَلاَ مَالَ) والرَّاذِلُ الدُّونُ من كلِّ شيءٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { بَادِيَ ٱلرَّأْيِ }؛ أي مَن قرأ (بَادِئَ) بالهمزِ فمعناهُ: أنَّهم اتَّبعوكَ بأوَّلِ الرأيِ من دون تفكُّر ونظرٍ، مِن قولهم: بَدَأتُ الأَمْرَ؛ أي ابتدأتهُ، ويجوزُ أن يكون المعنى: بَادِيَ الرؤيةُ؛ أي بأوَّلِ ما تقعُ الرؤية عليهم يعلمُ أنَّهم أراذِلُنا، وقد يكون الرأيُ بمعنى الرُّؤيةِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى:يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } [آل عمران: 13] أي رُؤيةَ العينِ: ومن قرأ (بَادِيَ) بغير همزٍ فمعناه: ظاهرَ الرأيِ وهم يعرِفون الظاهرَ ولا تمييزَ لَهم.

ويجوزُ أن يكون معناه: اتَّبعوكَ في الظاهرِ، وباطنُهم على خلافِ ذلك. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ }؛ أي ما نرَى لكَ ولقومِكَ علينا من فَضْلٍ، فإنّ الفضلَ يكون بكثرةِ المال، وشرفِ النَّسب والمَنْزِلة في الدُّنيا، { بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ }؛ فيما تقولونَهُ على اللهِ، وفيما تدْعُون إليه.