قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ }؛ أي قُل يا محمَّد لأهلِ مكَّة: أرأيتُم ما أنزلَ الله لكم في الكتاب من رزقٍ جعلَهُ لكم حَلالاً طيِّباً من الأنعامِ والحرث، { فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً }؛ أي جعلتُم البَحَائِرَ والسَّوَائِبَ حَلالاً للرِّجال منفعةً، وحَراماً على النساءِ، وجعلتُم لآلهتِكم من الحرثِ نَصيباً فحرَّمتموهُ على النساءِ، وأحللتموهُ للرجال، والله سبحانه لم يحرِّمْ شيئاً من ذلكَ، { قُلْ }؛ لَهم يا مُحَمدُ: { ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ }؛ أمَرَكم بتحريمهِ، { أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ }؛ تختَلِقُون الكذبَ، يعني: بَيِّنُوا الحجةَ في ذلك، وإلاَّ فأنتم تَفْتَرُونَ على ربكم. ثم أوعدَهم على الكذب فقال: { وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }؛ أي ما ظَنُّ الذين يَكْذِبُونَ على اللهِ في التحليل والتحريمِ ماذا يفعلُ بهم يومَ القيامةِ، أتَظنُّون أن اللهَ لا يعاقبُهم على افترائِهم عليه؟ قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ }؛ أي لَذُو مَنٍّ عليهم بتأخيرِ العذاب عنهم، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ }؛ نِعَمَ اللهِ.