الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ }؛ اختلفَ الناسُ في المرادِ بهذه الآيةِ، قال بعضُهم: أرادَ بذلك أنَّ الناسَ كانوا أُمَّةً واحدةً في وقتِ آدمَ عليه السلام، ثم اختلَفُوا بأنْ كَفَّرَ بعضُهم بعضاً، وأوَّلُ مَن اختلفَ قابيلُ وهابيل. ويقال: أرادَ به الناسَ كلَّهم وُلِدُوا على الفطرةِ، ثم اختلَفُوا بأنْ غيَّر بعضُهم الفطرةَ ولم يغِّيرْ بعضهم، بل ثبتَ عليها.

وقال بعضهم: أرادَ بذلك أنَّهم كانوا أُمة واحدةً على عهدِ إبراهيم ونوحٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ كلُّهم كانوا كافِرين، فتفرَّقوا بين مؤمنٍ وكافر. ويقال: أرادَ بالناسِ هاهنا العربَ، كانوا على الشِّركِ قبلَ مبعثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثم اختلَفُوا بعدَهُ، فآمَنَ بعضُهم وكفرَ بعضُهم. فالقولُ الأوَّلُ أقربُ إلى ظاهرِ الآية.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }؛ لو كان لكم من اللهِ سبقٌ ببقاءِ التكليف على الناسِ أي وقت معلوم سواءٌ أطاعوهُ أو عصَوهُ لِمَا عَلِمَ من المصلحةِ لهم ولغيرِهم في ذلك، لعجَّلَ لهم العذابَ عند العصيانِ، فاضطرَّهم إلى معرفةِ الحقِّ فيما اختلفوا فيه. وقرأ عيسَى بن عُمر (لَقَضَى بَيْنَهُمْ) بالفتحِ.