الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } * { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } * { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } * { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }

{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } فيه وجهان: أحدهما: أن معناه اقرأ القرآن مفتتحاً باسم ربك، أو متبركاً باسم ربك، وموضع باسم ربك نصب على الحال ولذا كان تقديره: مفتتحاً، فيحتمل أن يريد ابتدأ القراءة بقول: بسم الله الرحمٰن الرحيم أو يريد الابتداء باسم الله مطلقاً، والوجه الثاني أن معناه اقرأ هذا اللفظ وهو باسم ربك الذي خلق فيكون باسم ربك مفعولاً وهو المقروء { ٱلَّذِي خَلَقَ } حذف المفعول لقصد العموم كأنه قال: الذي خلق كل شيء، ثم خصص خلقة الإنسان لما فيه من العجائب والعبر، ويحتمل أنه أراد الذي خلق الإنسان كما قال:ٱلرَّحْمَـٰنُ * عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ * خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } [الرحمٰن: 1ـ3] ثم فسره بقوله { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } والعلق جمع علقة، وهي النطفة من الدم والمراد بالإنسان هنا جنس بني آدم، ولذلك جمع العلق لما أراد الجماعة بخلاف قوله:فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } [الحج: 5] لأنه أراد كل واحد على حدته، ولم يدخل آدم في الإنسان هنا لأنه لم يخلق من علقة وإنما خلق من طين { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } كرر الأمر بالقراءة تأكيداً والواو للحال والمقصود تأنيس النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يقول: أفعل ما أمرت به فإن ربك كريم. وصيغة أفعل للمبالغة { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } هذا تفسير للأكرم فدل على أن نعمة التعليم أكبر نعمة، وخص من التعليمات الكتابة بالقلم لما فيها من تخليد العلوم ومصالح الدين والدنيا، وقرأ ابن الزبير: علم الخط بالقلم { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } يحتمل أن يريد بهذا التعليم لكل شيء على الاطلاق، وقيل: لأن الإنسان هنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والأظهر أنه جنس الإنسان على العموم.