الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } * { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } * { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } * { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ }

{ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } البروج هي المنازل المعروفة وهي اثنا عشر، تقطعها الشمس في السنة، وقيل: هي النجوم العظام، لأنها تتبرج أي تظهر { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } هو يوم القيامة، باتفاق، وقد ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } يحتمل الشاهد والمشهود أن يكون من الشهادة على الأمر، أو يكون من معنى الحضور، وحذف المعمول وتقديره: مشهود عليه أو مشهود به أو مشهود فيه.

وقد اضطرب الناس في تفسير الشاهد والمشهود اضطراباً عظيماً، ويتلخص من أقوالهم في الشاهد ستة عشر قولاً: يقابلها في المشهود اثنان وثلاثون قولاً، الأول: أن الشاهد هو الله تعالى لقولهوَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } [النساء: 79، 166، الفتح: 28]؛ والمشهود على هذا يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون الخلق بمعنى أنه يشهد عليهم، والآخر أن تكون الأعمال بمعنى أنه يشهد بها، والثالث أن يكون يوم القيامة، بمعنى أنه يشهد فيه أي يحضر للحساب والجزاء، أو تقع فيه الشهادة على الناس، القول الثاني: أن الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم لقوله:لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ } [الحج: 78] والمشهود على هذا يحتمل أن يكوم أمته؛ لأنه يشهد عليهم أو أعمالهم، لأنه يشهد بها أو يوم القيامة لأنه يشهد فيه، أي يحضر أو تقع فيه الشهادة على الأمة، القول الثالث: أن الشاهد أمة محمد صلى الله عليه وسلم لقوله:لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } [البقرة: 143] والمشهود على هذا سائر الأمم؛ لأنهم يشهدون عليهم لقوله:وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ } [المائدة: 117] أو أعمالهم، أو يوم القيامة. الخامس: أن الشاهد جميع الأنبياء، والمشهود أممهم لأن كل نبيّ يشهد على أمته، أو يشهد القول بأعمالهم أو يوم القيامة؛ لأنه يشهد فيه، القول السادس: أن الشاهد الملائكة الحفظة والمشهود على هذا الناس؛ لأن الملائكة يشهدون عليهم أو الأعمال لأن الملائكة يشهدون بها أو يوم القيامة، أو صلاة الصبح لقوله:إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } [الإسراء: 78] القول السابع: أن الشاهد جميع الناس، لأنهم يشهدون يوم القيامة أي يحضرونها، والمشهود يوم القيامة لقوله:وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } [هود: 103] والقول الثامن: أن الشاهد الجوارح والمشهود عليه أصحابها، لقوله:يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ } [النور: 24] أو الأعمال؛ لأن الجوارح تشهد بها يوم القيامة؛ لأن الشهادة تقع فيه، القول التاسع: أن الشاهد الله والملائكة وأولوا العلم لقوله:شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ } [آل عمران: 18] والمشهود به الوحدانية، القول العاشر: الشاهد جميع المخلوقات والمشهود به وجود خالقها وإثبات صفاته من الحياة والقدرة وغير ذلك، القول الحادي عشر: أن الشاهد النجم لما ورد في الحديث: " لا صلاة بعد العصر حتى يطلع الشاهد وهو النجم "

السابقالتالي
2