الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } * { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } * { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } * { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } * { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } * { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ }

{ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ } دعاء عليه على ما جرت به عادة العرب من الدعاء بهذا اللفظ، ومعناه تقبيح حاله، وأنه ممن يستحق أن يقال له ذلك، وقيل: معناه لعن، وهذا بعيد { مَآ أَكْفَرَهُ } تعجيب من شدّة كفره، مع أنه يجب عليه خلاف ذلك { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } توقيف وتقرير ثم أجاب عنه بقوله { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ } يعني المني، ومقصد الكلام تحقير الإنسان، ومعناه أنه يجب أن يعلم الرب الذي خلقه { فَقَدَّرَهُ } أي هيأه لما يصلح له ومنه:وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } [الفرقان: 2]، وقيل: معناه جعله على مقدار معلوم في إعطائه وأجله ورزقه وغير ذلك { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } نصب السبيل بفعل مضمر فسره يسره، وفي معناه ثلاثة أقوال: أحدها: يسر سبيل خروجه من بطن أمه، والآخر أنه سبيل الخير والشر لقوله:إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } [الإنسان: 3]، الثالث: سبيل النظر السديد المؤدي إلى الإيمان، والأول أرجح لعطفه على قوله: { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } وهو قول ابن عباس { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } أي جعله ذا قبر، يقال: قبرت الميت إذا دفنته، وأقبرته إذا أمرت أن يدفن { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } أي بعثه من قبره، يقال: نشر الميت إذا قام، وأنشره الله والإشارة إذا شاء ليوم القيامة، أي الوقت الذي يقدر أن ينشره فيه.