الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا } * { رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا } * { وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } * { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } * { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا } * { وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا } * { مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ }

{ ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ } هذا توقيف قصد به الاستدلال على البعث فإن الذي خلق السماء قادر على خلق الأجساد بعد فنائها { رَفَعَ سَمْكَهَا } السمك: غلظ السماء وهو الارتفاع الذي بين سطح السماء الأسفل الذي يلينا وسطحها الأعلى الذي يلي ما فوقها. ومعنى رفعه أنه جعله مسيرة خمسمائة عام، وقيل: السَّمْك السقف { فَسَوَّاهَا } أي أتقن خلقتها وقيل: جعلها مستوية ليس فيها مرتفع ولا منخفض { وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا } أي جعله مظلماً يقال: غطش الليل إذا أظلم. وأغطشه الله { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } أي أظهر ضوء الشمس في وقت الضحى، وأضاف الضحى والليل إلى السماء من حيث أنهما ظاهران منها وفيها { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } أي بسطها، واستدل بها من قال: إن الأرض بسيطة غير كروية وقد ذكرنا في [فصلت: 11] الجمع بين هذا وبين قولهثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ } { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا } نسب الماء والمرعى إلى الأرض، لأنهما يخرجان منها فإن قيل: لم قال أخرج بغير حرف العطف؟ فالجواب: أن هذه الجملة في موضع الحال وتفسير لما قبلها قاله الزمخشري { وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا } أي أثبتها، ونصب الجبال بفعل مضمر يدل عليه الظاهر وكذلك الأرض { مَتَاعاً لَّكُمْ } تقديره: فعل ذلك كله تمتيعاً لكم منه { وَلأَنْعَامِكُمْ } لأن بني آدم والأنعام ينتفعون بما ذكر.