الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } * { قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } * { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } * { عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً } * { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً }

{ بِآنِيَةٍ } هي جمع إناء ووزنها أفعلة وقد ذكرنا الأكواب في الواقعة { قَوَارِيرَاْ } القوارير هي الزجاج، فإن قيل: كيف يتفق أنها زجاج مع قوله من فضة؟ فالجواب: أن المراد أنها في أصلها من فضة وهي تشبه الزجاج في صفائها وشفيفها، وقيل: هي من زجاج، وجعلها من فضة على وجه التشبيه لشرف الفضة وبياضها، ومن قرأ قواريرَ بغير تنوين فهو على الأصل ومن نوّنه فعلى ما ذكرنا في سلاسل { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } هذه صفة للقوارير والمعنى قدّروها على قدر الأكف أو على قدر ما يحتاجون من الشراب، قال مجاهد: هي لا تغيض ولا تفيض، وقيل: قدروها على حسب ما يشتهون، والضمير الفاعل في قدّروها يحتمل أن يكون للشاربين بها أو للطائفين بها { مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } هو كما ذكرنا في مزاجها كافوراً { سَلْسَبِيلاً } معناه سلسل منقاد الجرية، وقيل: سهل الانحدار في الحلق، يقال: شراب سلسل وسلسال وسلسبيل بمعنى واحد. وزيدت الباء في التركيب للمبالغة في سلاسته، فصارت الكلمة خماسية، وقيل: سل فعل أمر سبيلاً مفعول به وهذا في غاية الضعف { وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } ذكر في الواقعة { لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } شبههم باللؤلؤ في الحسن والبياض، وبالمنثور منه في كثرتهم وانتشارهم في القصور.