الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً }

{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } هذا وعيد وتهديد، ونزلت الآية في الوليد بن المغيرة باتفاق، وفي معنى { وَحِيداً } ثلاثة أقوال: أحدها: روي أنه كان يلقب الوحيد، أي لا نظير له في ماله وشرفه، وكونه وحيداً نعمة عددها الله عليه، الثاني: أن معناه خلقته منفرداً ذليلاً، الثالث: أن معناه خلقته وحدي، فوحيداً على هذا من صفة الله تعالى، وإعرابه على هذا حال من الضمير الفاعل في قوله: خلقت، وهو على القولين الأولين حال من الضمير المفعول { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } أي كثيراً، واختلف في مقداره فقيل: ألف دينار، وقيل عشرة آلاف دينار، وقيل: يعني الأرض لأنها مدت { وَبَنِينَ شُهُوداً } أي حضوراً، ورُوي أنه كان له عشرة من الأولاد، وقيل: ثلاث عشرة لا يفارقونه. وأسلم منهم ثلاثة وهم: خالد وهشام وعمار { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } أي بسطت له في الدنيا بالمال والقوة وطيب العيش { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } أي يطمع في الزيادة على ما أعطاه الله، وهذا غاية الحرص { كَلاَّ } زجر عما طمع فيه من الزيادة { عَنِيداً } أي معانداً مخالفاً، والآيات هنا يراد بها القرآن لأن الوليد قال فيه: إنه سحر، ويحتمل أن يريد الدلائل { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } الصعود العقبة الصعبة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها عقبة في جهنم، كلما صعدها الإنسان ذاب ثم يعود، فالمعنى سأشق عليه بتكليفه الصعود فيها.