الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } * { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } * { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } * { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً }

{ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } أي على ما يقول الكفار. والآية منسوخة بالسيف، وقيل: إنما المنسوخ المهادنة التي يقتضيها قوله: { وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } وأما الصبر فمأمور به في كل وقت { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ } هذا تهديد لهم، وانتصب المكذبين على أنه مفعول معه أو معطوف { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ } أي التنعم في الدنيا، وروي أن الآية نزلت في بني المغيرة وهم قوم من قريش كانوا متنعمين في الدنيا { أَنكَالاً } جمع نِكْل وهو القيد من الحديد. رُوي أنها قيود سود من نار { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ } شجرة الزقوم، ومعنى ذا غصة: أي يغُصُّ به آكلوه، وقيل: هو شوك يعترض في حلوقهم لا ينزل ولا يخرج، ورُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فصعق { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ } أي تهتز وتتزلزل والعامل في يوم معنى الكلام المتقدم وهو " إن لدينا أنكالاً " { وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } الكثيب كدس الرمل، والمهيل اللين الرخو، الذي تهيله الريح أي تنشره وزنه مفعول، والمعنى أن الجبال تصير إذا نسفت يوم القيامة مثل الكثيب.