الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ }

{ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } حيث وقع حمله قوم على ظاهره منهم ابن أبي زيد وغيره، وتأوّله قوم بمعنى: قصد كقوله: ثم استوى إلى السماء، ولو كان ذلك لقال: ثم استوى إلى العرش، وتأوّلها الأشعرية أنّ معنى استوى استولى بالملك والقدرة، والحق: الإيمان به من غير تكييف، فإنّ السلامة في التسليم، ولله در مالك بن أنس في قوله للذي سأله عن ذلك: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والسؤال عن هذا بدعة، وقد روي مثل قول مالك عن أبي حنيفة، وجعفر الصادق، والحسن: البصري، ولم يتكلم الصحابة ولا التابعون في معنى الاستواء، بل أمسكوا عنه ولذلك قال مالك السؤال عن هذا بدعة { يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ } أي يلحق الليل بالنهار، ويحتمل الوجهين، هكذا قال الزمخشري، وأصل اللفظة من الغشاء، أي يجعل أحدهم غشاء للآخر يغطيه فتغطي ظلمة الليل ضوء النهار { يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } أي سريعاً، والجملة في موضع الحال من الليل أي طلب الليل النهار فيدركه { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } قيل: الخلق المخلوقات، والأمر مصدر أمر يأمر، وقيل: الخلق مصدر خلق، والأمر واحد الأمور: كقوله: إلى الله تصير الأمور، والكل صحيح { تَبَارَكَ } من البركة، وهو فعل غير منصرف لم تنطق له العرب بمضارع { تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } مصدر في موضع الحال وكذلك خوفاً وطمعاً، وخفية من الإخفاء، وقرئ خيفة من الخوف { ٱلْمُعْتَدِينَ } المجاوزين للحد، وقيل هنا هو رفع الصوت بالدعاء والتشطط فيه.