الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } * { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } * { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } * { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } * { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ }

{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } التقوّل هو أن ينسب إلى أحد ما لم يقل، ومعنى الآية: لو تقوّل علينا محمد لعاقبناه، ففي ذلك برهان على أن القرآن من عند الله { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } قال ابن عباس: هنا القوة ومعناه: لو تقوّل علينا لأخذناه بقوتنا وقيل: هي عبارة عن الهوان كما يقال لمن يسجن: أخذ بيده وبيمينه، قال الزمخشري: معناه لو تقوّل علينا لقتلناه، ثم صور صورة القتل ليكون أهول، وعبر عن ذلك بقوله: لأخذنا منه باليمين، لأن السيَّاف إذا أراد أن يضرب المقتول في جسده أخذ بيده اليمنى ليكون ذلك أشد عليه لنظره إلى السيف { ٱلْوَتِينَ } نياط القلب، وهو عرق إذا قطع مات صاحبه، فالمعنى لقتلناه { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } الحاجز المانع، والمعنى: لو عاقبنا لم يمنعه أحد منكم ولم يدفع عنه وإنما جمع (حاجزين)، لأن (أحد) في معنى الجماعة { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ } الضمير للقرآن، وقيل: لمحمد صلى الله عليه وسلم، والأول أظهر { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } أي حسرة عليهم في الآخرة، لأنهم يتأسفون إذا رأوا ثواب المؤمنين { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } قال الكوفيون هذا من إضافة الشيء إلى نفسه، كقولك: مسجد الجامع، وقال الزمخشري: المعنى: عين اليقين ومحض اليقين، وقال ابن عطية: ذهب الحذاق إلى أن الحق مضاف إلى الأبلغ من وجوهه.