الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ }

{ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } هذه الآية وما بعدها تتضمن إقامة براهين على الوحدانية، وعلى البعث وتتضمن أيضاً وعيداً وتعديدَ نِعم. ومعنى تمنون: تقذفون المني { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } هذا توقيف يقتضي أن يجيبوا عليه بأن الله هو الخالق لا إلٰه إلا هو { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ } أي جعلناه مقدراً بآجال معلومة وأعمار منها طويل وقصير ومتوسط { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } المسبوق على الشيء هو المغلوب عليه؛ بحيث لا يقدر عليه و { نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ }: معناه نهلككم ونستبدل قوماً غيركم، وقيل: نمسخكم قردة وخنازير { وَنُنشِئَكُمْ } معناه نبعثكم بعد هلاككم و { فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } معناه ننشئكم في خلقة لا تعلمونها على وجه لا تصل عقولكم إلى فهمه. فمعنى الآية أن الله قادر على أن يهلكهم وعلى أن يبعثهم ففيها تهديد واحتجاج على البعث { فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } تحضيض على التذكير والاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، وفي هذا دليل على صحة القياس.