الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنْكَ وَٱرْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } * { قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ }

{ قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا } أي أكلا نتشرف به بين الناس، وليس مرادهم شهوة البطن { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } أي نعاين الآية فيصير إيماننا بالضرورة والمشاهدة، فلا تعرض لنا الشكوك التي تعرض في الاستدلال { وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا } ظاهره يقوي قول من قال إنهم إنما قالوا ذلك قبل تمكن إيمانهم، ويحتمل أن يكون المعنى نعلم علماً ضرورياً لا يحتمل الشك { وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ ٱلشَّٰهِدِينَ } أي نشهد بها عند من لم يحضرها من الناس { قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } أجابهم عيسى إلى سؤال المائدة من الله، وروي أنه لبس جبة شعر ورداء شعر، وقام يصلي ويدعو ويبكي { تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا } قيل: نتخذ يوم نزولها عيداً يدور كل عام لأول الأمة، ثم لمن بعدهم، وقال ابن عباس: المعنى تكون مجتمعاً لجميعنا أوّلنا وآخرنا في يوم نزولها خاصة لا عيداً يدور { وَآيَةً مِّنْكَ } أي علامة على صدقي { قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ } أجابهم الله إلى ما طلبوا، ونزلت المائدة عليها سمك وخبز، وقيل زيتون وتمر ورمان وقال ابن عباس: كان طعام المائدة ينزل عليهم حيثما نزلوا وفي قصة المائدة قصص كثيرة غير صحيحة { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً } عادة الله عز وجل عقاب من كفر بعد اقتراح آية فأعطيته، ولما كفر بعض هؤلاء مسخهم الله خنازير، قال عبد الله بن عمرو: أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون والمنافقون...